السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
,,,,,
إنّ من الأمور التي تزيد إيماننا و خشوعنا و خوفنا و خشيتنا من الله هي التفكر في مخلوقات الله ,
إنّ الله سبحانه و تعالى هو المبدع في خلقه , وخلق هذا الكون بحكمة بالغة , وجعل لنا فيه من الآيات مايستلزم منا تدبرها والوقوف عند عظمتها و التي تدل على عظمة خالقها .
إنّ التفكر و التأمل في مخلوقات الله إنما هي عبادة لله , وهي من العبادات العظيمة التي تقرّبنا من ربنا , و إن بديع خلق الله في هذه الحياة يجعل ألسنتنا رغماً عنها تقول ( سبحان الله ! ) .
لو تأمل العبد في هذا الكون الفسيح لعلم قدرة الله سبحانه وتعالى , ولأن الله سبحانه وتعالى هو من خلق هذا الكون كله , فهذا يجعل الإنسان يدرك مدى ضعفه و هوانه , وبأنه مخلوق ذليل فقير لله سبحانه و تعالى .
فالله سبحانه و تعالى أبدع في هذا الكون و أمرنا سبحانه بالتفكر و التدبر فيها , حتى نعلم جميعاً بأن الله على كل شيء قدير , وأنّ الله سبحانه وتعالى وسِع علمه كل شيء .
إنّ الإنسان العاقل ( حتى لو لم يكن مؤمناً ) لابد له أن يوقن بأن هذا الكون ما خُلق عبثاً و أن هنالك من خلقه , كمن يجد ورقة ملقاة على الأرض بها كتابات ؛ فإنه يعلم بأنه لابد من أن شخصاَ قد كتبها ! , وكذلك هذا الكون الفسيح يدل على أن هنالك من خلقه , وبأن خالقه خالق عظيم .
فهيا نتدبر في هذا الكون الفسيح , ولنجعلها عبادة نداوم عليها في وقت أصبح كثيراً من الناس هاجرها .
لو سألتكم هل تستطيعينون عد حبات رمال هذه الصحراء ؟! فهل تقدرون على هذا ؟
تأملي معي قوله تعالى :
{لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا}
فسبحان الله ! , كيف لنا أن نغفل عن عظمة خالقنا , تأمل أن كل شيء في هذا الكون مهما كانت سعته وكبره و عظمته فإن الله أحصى عدده لا يخفى عليه شيء ! فتدبر قدرة الله عظمة الخالق الذي أحصى عدد جميع الأشياء !
أرأيتِ عظمة و صلابة و ضخامة هذا الجبل ! لقد خُلقت هذه الجبال أوتاداً للأرض لتثبتها
فهل علمتِ وتأملتِ أن هذه الجبال على عظمتها و قوتها حيث أنها تثبت الأرض , فإن الله العظيم الذي لا يتعاظمه شيء ينسف هذه الجبال الصلبة يوم القيامة , قال الله تعالى :
(( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا(105)فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا(106)لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا)) سورة طه .
و تأمل ايضا هذا الحديث الشريف :عن ابن مسعود قال: بين السماء الدنيا والتي تليها خمسمائة عام، وبين كل سماء وسماء خمسمائة عام، وبين السماء السابعة والكرسي خمسمائة عام، وبين الكرسي والماء خمسمائة عام، والعرش فوق الماء، والله فوق العرش، لا يخفى عليه شيء من أعمالكم. أخرجه ابن مهدي، عن حماد بن سلمة، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، ورواه بنحوه المسعودي، عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد الله، قاله الحافظ الذهبي -رحمه الله تعالى-، قال: وله طرق.
وروي عن ابن عباس قال: ما السماوات السبع والأرضون السبع في كف الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكموقال ابن جرير: حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد: حدثني أبي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما السماوات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس .
وقال: قال أبو ذر -رضي الله عنه-: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض
و عندما نفصل هذه الأحاديث في هذه النقاط نجد أن :
1/ السماوات السبع على عظمتها و سعتها و تباعد ما بينها و الأراضين السبع في كف الرحمن كمن يمسك بخردلة ( وهي حبة صغير جداً ) منا في يده .
2/ أن السماوات السبع العظيمة بالنسبة للكرسي كأنها سبع دراهم أُلقيت في قاع واسع مستدير .
3/ الكرسي على عظمته بالنسبة للعرش كحلقة من حديد أُلقيت في وسط صحراء واسعة من الأرض .ترس : قاع مستدير متسع
فلاة : صحراء واسعة .
ونستنتج أيضاً :
1/ السماوات السبع طبقات بعضها فوق بعض , ومابين السماء الدنيا و الأرض مسافة خمس مئة عام .
2/ ما بين السماء الدنيا و التي تليها مسيرة خمس مئة عام .
3/ مابين كل سماء و السماء التي تليها مسيرة خمس مئة عام .
4/ فوق السماء السابعة الكرسي و المسافة بينهما خمس مئة عام .
5/ فوق الكرسي البحر والمسافة بينهما خمس مئة عام .
6/ عمق البحر مسيرة خمس مئة عام .
7/ فوق البحر العرش و الله فوق العرش مطلع على جميع أعمال عباده لا يخفى عليه منها شيء .فسبحان الله ! فقد قال الله تعالى :وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ
إن الله سبحانه وتعالى عظيم , وتدل مخلوقاته على عظمته سبحانه , وكثيراً من الناس الآن هجر هذه العبادة , فالكون زاخر بالآيات التي تدل على عظمته وو حدانيته سبحانه , فكيف للإنسان أن يعصي ربه وهو مطلع عليه ؟ , وكيف يغفل عن ذكره و المخلوقات كلها تسبح الله تنزيهاً وتعظيماً ؟
كيف له أن ييأس و يقنط من رحمة الله وهو سبحانه قادر على كل شيء ؟ , كيف لا يسعى إلى زيادة إيمانه و أمامه الآيات و الدلائل التي تزيد من تقواه لله ؟ ......................... !
فالتأمل في مخلوقات الله له ثمرات عظيمة فهي عبادة كغيرها من العبادات التي نؤجر عليها , ومن ثمرات التأمل في مخلوقات الله :
1/ زيادة الإيمان في القلب , وتعظيم الله و خشيته و تقواه .
2/ مراقبة الله سبحانه و تعالى في جميع الأحوال , فالعبد الذي يتأمل خلق الله و قدرته يعلم أن الله وسع علمه كل شيء و أنه لا يخفى عليه صغيرة أو كبيرة في هذه الحياة .
3/ زيادة الثقة بالله , وبأن الله لا يعجزه شيء في السماوات و لا في الأرض , فيبعث في نفس المؤمن أن الله قادر على إجابة الداعين مهما كان طلب هذا العبد , و الله لديه خزائن السماوات و الأرض لا أكبرو لا أعظم منه .
4/ زيادة علم المؤمن مما يزيد بمعرفته بأن الله حق , واستحقاقه للعبودية وحده سبحانه , وتمكين الإنسان بتعريف غيره من الناس الغير مسلمين بهذا الدين العظيم .
5/ زيادة ذكر الله , وطمأنينة في القلب , وانشراح في الصدر .
6/ دخول كثير من الناس للإسلام , وخصوصاً العلماء الذين يدرسون أسرار و غرائب الكون فيقودهم ذلك إلى طريق الحق و الهداية للواحد الأحد .
فما أحوجنا إلى أن نتقرّب من ربنا , ونسارع إلى مرضاته , ونتدبر آياته ومخلوقاته , ونحن نعلم بضعفنا و حاجتنا إلى خالقنا , فلنكن دائماً مطلقين لبصرنا إلى عنان هذا الكون الفسيح و ما يحويه من آيات دالة على عظمة الخالق .
الله يسّر لنا سبل الهداية وفتح لنا أبواب العلم و الهداية إليه , ولكننا المقصرين , ونحن من أسرفنا على أنفسنا بالمعاصي , وقد قامت علينا الحجة فليس لنا أي عذر , فكيف لنا أن نغفل عن هذه الدلائل و الشواهد التي هي على مرأى من أعيننا ؟! , ولكن فعلاً عُمّيت بصيرتنا عن فاطر السماوات .
فهيا بنا نتأمل في هذا الكون الفسيح , ونرى قدرة خالقه , حتى نتقرب من ربنا طاعة و حباً و إيماناً .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته