<H3>ومن ذا الذى يخترق كل هذه الخطوط الحمراء
محمود سعد ليس كأى مذيع آخر.. هو بمفرده حالة استثنائية،
يمكن أن تؤرخ بظهوره لعهد إعلامى جديد،
لم يعد فيه المذيع مجرد صورة حلوة أو صاحب شعر مسبسب،
أو عقل فاضى يقرأ ما يملى عليه، أو صوت للحكومة ينطق باللى يريحها..
محمود سعد غير كل هذا ونجح بسهولة فى أن يعتلى صدارة المشهد كمذيع متميز ومحترف
وفى نفس الوقت زعيم إمبراطورية الغلابة،
فمثلما كان له السبق فى هذه النقلة الإعلامية،
كان له السبق فى تأسيس صورة جديدة للعلاقة المتبادلة بين الإعلامى وبين الناس،
وربما كان سعد هو المذيع الوحيد الذى يظهر على شاشة التليفزيون المصرى
ورغم ذلك يصدقه الناس أكثر مما يصدقوا بيانات الحكومة نفسها
وكلام بتوع المعارضة أيضا.
حب المواطنين الجارف لمحمود سعد يبرهن على انه أكبر من مجرد مذيع،
فهو ليس من هؤلاء الذين تفرضهم شركات الإعلان على الشاشة،
بل تم تتويجه شعبيا ليكون مذيعا فى البيت بيتك بتصويت عام عبر رسائل المحمول القصيرة،
وهو انتخاب علنى جاء نتيجة كلمات محمود سعد البسيطة التى طيب بها هموم مشاهديه وخصوصا الغلابة منهم.
ومحمود سعد بدوره لا يملك العصا السحرية
ولا هو صاحب قرار سيادى مثل وزراء الحكومة وليس بمقدوره أن يفعل ما يمكن أن يفعله رجل أعمال، ولكنه حقق للناس مالم تستطع تحقيقه الحكومة برجال أعمالها
حينما أوجد للناس الأمل فى غد أفضل.
وهكذا تحول محمود سعد إلى أمل للمواطنين الغلابة
وهى الشريحة الأكبر بين المشاهدين وتحول إلى رجاء لهم فى حل مشكلاتهم وتسديد احتياجاتهم، بعد أن أصبح يتمتع بثقة كبيرة لدى المشاهدين القادرين ماديا ونجاحه فى تحفيزهم على الاستجابة لطلبات المحتاجين والمواطنين المطحونين،
حيث نجح فى أكثر من مرة فى جمع تبرعات تصل إلى 100 ألف جنيه فى بضع دقائق على الهواء،
وكان هذا كافيا ليتم تنصيب محمود سعد رئيسا لجمهورية المطحونين،
لا تعترف الناس بأى بيان إلا إذا كان بصوته
ولا تثق فى أى قرار أو قانون تصدره الحكومة إلا لو صدق هو عليه،
وبالتالى أصبح حلم الوزراء الذين يرغبون فى تمرير قراراتهم
وتصدير رؤى وزاراتهم إلى المواطنين هو رضا محمود سعد.
لقد حطم محمود سعد كل معايير الإعلام الناجح وسطر نظريات جديدة،
فهو يعترف أنه يفتقد للموضوعية أحيانا إذا شعر بكذب من يجلس إمامه،
ولعل أكثر ما ساهم فى صنع هذه العلاقة مع الجمهور،
كونه إنسانا بكامل صفاته الحسنة منها والسيئة، يغضب ويخطئ ويندفع ويتراجع ويعترف بالخطأ،
وأحيانا يدلل ضيفه اذا كان نجما محبوبا من الغالبية،
فأنت أمامة لا تجلس أمام مذيع من أصحاب الكرافتات الشيك أنت فى كل مرة
تشاهده تكون على موعد مع صديق لك ابن بلد تتحدث معه
ويتحدث إليك وتشعر أنه بجوارك يتكلم ويضحك ويغضب ويحزن ويشاركك كل ما تعول همه.
صعود محمود سعد لم يأت صدفة فهو نتاج ظروف تضافرت لتفرز لنا اعلاميا مصريا خالصا
لم يختلط بأجندة مشبوهة،
خرج من كنف المنيرة ومنطقة باب الخلق العريقة التى تحمل فى طياتها ملامح الشخصية المصرية بشهامة ولاد البلد، تلك المنطقة التى لم يتخل عنها ولم تتخل هى عنه ورغم كل ما وصل إليه إلا أنه مازال متمسكا بالعيش فى هذا المكان الذى يلهمه بالكثير،
مازال يرتدى جلبابه الأبيض ولا يخجل فى أن يظهر به على غلاف المجلات
ويجلس يوم أجازته مثل كل المصريين لا يعزل نفسه فى أبراج النجوم العالية
ويتعامل مع الناس على اعتبار أنه واحد منهم.
لقد تسلل محمود سعد إلى قلوب جماهيره بهدوء ودون سخط الدعاية التى أصبحت عادة ماتتبع مذيعين اليومين دول بمناسبة وبدون.
ومن يرى صور محمود سعد على أفيش بالشوارع يتخيل للحظة أن هذه هى البداية ولا يتأمل للحظة أن هذه هى نتيجة المشوار الطويل الذى بدأ من بلاط صاحبة الجلالة، فمن كان يظن عندما دخل ذلك الصحفى الشاب محمود سعد «مجلة صباح الخير»
لأول مرة وتقدم ليكتب أول خبر فى حياته الصحفية عام 1978
أنه سيصبح إحدى دعائم توجيه الرأى العام المصرى،
وممن داخل قلعة الإعلام الرسمى يقف ليقول دون خوف
«الناس ليها حق تعمل اضراب من غلاء الأسعار» بدلا من أن يقول «تمام يا أفندم»
وعلى هذا المنوال يسير محمود سعد غير مهتم بكونه على الجانب الآخر من طريق الحكومة، رغم أن واحدة فقط من كلماته التى ساند فيها الناس كانت كفيلة برحيله من ماسبيرو،
ولكنه لم يحول طريقه يوما ومازال يمارس هوايته فى مواجهة الحكومة دون أن يتقمص ادوار البطولة ويلعب بمشاعر مشاهديه أو يجرح أحدا ويلقيه بالتهم زورا وبدون دلائل، ومن ذا الذى يخترق كل هذه الخطوط الحمراء ومع ذلك يتمسك وزير الاعلام به إلى النفس الأخير رغم أنه دائما مايبحث عن المشاكل.. إلا رجل اسمه محمود سعد رزقه الله حب الناس وحبه من قبل حب الناس.
تحياتى للاعلامى اللامع /محمود سعد
(حوده كرامه -مقال منقول)
</H3>