الاسكندرية

الاسكندرية
رمز الجمال والعظمة تستوحى جاذبيتها من حضارة الشمال فهى يونانية المعالم مصرية الروح ، وهى ملهمة الفنانين ومنها خرج العديد من المبدعين العباقرة فهى التى انجبت فنان الشعب سيد درويش وشاعر العامية بيرم التونسى ومحمود سعيد الرسام الشعبى الجميل .

بناها الاسكندر المقدوني الشهير ب(الاسكندر الاكبر) سنة 331 قبل الميلاد عندما وصل الى مصر اثناء مطاردته للفرس والذى كان العدو التقليدي للاغريق في ذلك الوقت وقد هزمهم بمعاونة المصريين الذين تجاوبوا معه لأنه احترم ديانتهم ولم يجبرهم على تغييرها وبعد انتهاء القتال توج كهنة مصر الاسكندر فرعونا على البلاد.

وقد قرر الاسكندر الاكبر ان تكون الاسكندرية عاصمة وركيزة لحركة تجارية بدأت تنمو بين الاغريق والشرق وتكون حصنا منيعا ضد اي خطر تتعرض له البلاد من ناحية البحر وان تحمل هذه المدينة اسمه وقد وضع تصميمها المهندس دينوكراطيس عام 332 ق.م ، وظلت الاسكندرية عاصمة لمصر في العصرين البطلمي والروماني وتطورت الاسكندرية حتى اصبحت اكبر مدينة في العالم القديم.

وبعد وفاة الاسكندر الاكبر عام 323 ق.م اهتم بها بطليموس ابن لاجوس الذي حكم الاسكندرية عام 306 ق.م واعلنها عاصمة لملكه، واضفى عليها هو وخلفاؤه وآخرهم كليوباترا الكثير من مظاهر النهضة العمرانية والثقافية والاقتصادية مما جعلها اعجوبة معمارية وحضارية بين عواصم العالم القديم واهم ما اقامه بطليموس فنار الاسكندرية الشهير الذي يعتبر احدى عجائب الدنيا السبع.

وقد سقطت مصر بسقوط الاسكندرية في عام 31 ق.م بعد هزيمة كليوباترا وحليفها مارك انطونيو امام الرومان في معركة اكتيوم البحرية ودخلت مصر على اثرها في حوزة الامبراطورية الرومانية ولكنهم احتفظوا بالاسكندرية كعاصمة لمصر وابقوا على مكانتها التي اكتسبتها خلال حكم البطالمة في العصر الروماني وانتشر الدين المسيحي في الاسكندرية على يد القديس مرقس الذى يعود اليه فضل التبشير بالدين المسيحى فى مصر وتأكدت اهمية كنيسة الاسكندرية في العصر البيزنطي وشهدت هذه الفترة ازدهار فن النقش على الجدران ولا سيما الكنائس التي حفلت بأروع النقوش الفنية الدقيقة والتي لا يزال بعضها باقيا حتى الآن على جدران بعض الكنائس في الاسكندرية والتى تضم مجموعة من اروع الكنائس فى المعمار.

ودهسها الفرس في عام 617م ومكثوا بها لمدة عشر سنوات ولكن الرومان استردوها مرة أخرى واستمر التنافس بينهما الى ان فتحها عمرو بن العاص ودخلها العرب فى عام 621م الموافق 21 هـ لتدخل الاسكندرية بعد ذلك في العصر الاسلامي.

وتحتشد الاسكندرية بالعديد من الاثار الجميلة بالاضافة الى جوها البديع صيف شتاء ونظافتها وبريقها الاخاذ وأشهر ما تضمه الاسكندرية بين جنباتها من الاثار اليونانية والرومانية القديمة (منارة الاسكندرية) وهي ثالثة عجائب الدنيا السبع في العالم القديم وكانت تقع في الجزء الشرقي من جزيرة فاروس وعرفت باسمها. وقد قام بتصميمها "سوستراتوس" في عهد بطليموس الاول وظلت المنارة تهدي السفن وترشد الملاحين حتى الفتح العربي عام 641م ، ثم حلت عليها الكوارث بسقوط المصباح وانهيار الطابقين العلويين وقد قام احمد بن طولون القائد الاسلامى بترميمها عام 880 م ولكن الزلازل لم ترد ان تبقى على هذا الاثر وأتت على البقية الباقية منه .

(معبد القيصرون) وهو المعبد الذى امرت ببناءه كليوباترا وأقامت امام مدخله مسلتان نقلتا من معبد عين شمس تحملان اسماء ملوك الفراعنة تحتمس الثالث وسيتي الاول ورمسيس الثاني ، (المسرح الروماني) بكوم الدكة الذى يرجع تاريخ بنائه للقرن الثاني الميلادى وقد تم ترميمه فى القرن الرابع الميلادي وقد تم اكتشافه فى العصر الحديث سنة 1960 ويعتبر هو المسرح الروماني الوحيد في مصر الآن ، (الحمامات الرومانية) وتوجد فى كوم الدكة وابو صير الشرقية وابو قير وتتكون الحمامات من ثلاث حجرات احداها للحمام البارد والثانية حجرة البخار والثالثة للماء الساخن ومن أشهر هذه الحمامات (حمام كليوباترا) ولكنه اندثر تماما.

ومن اشهر معالم الاسكندرية ايضا والتى مازالت قائمة حتى الان هى ( قلعة قايتباي) وأنشأت خصيصا لتحصين المدينة ضد الغزو من جهة البر بناها السلطان الاشرف قايتباي سنة 1477م وتقع في نهاية اللسان الشرقي من جزيرة فاروس القديمة وهي عبارة عن برج كبير يدعم كل ركن من اركانه برج صغير مستدير الشكل.

وبالرغم من ان المسلمين هم اللذين بنوا القلعة الا انها لا تعتبر معلما دينيا ولكن من أهم المعالم الدينية التى شيدت فى عروس البحر المتوسط والتى ترمز جميعها الى استقرار الديانات السماوية فيها منذ اقدم العصور وهى اليهودية والمسيحية والاسلامية على التوالى .

واهم الآثار الدينية اليهودية بالاسكندرية هي (المعبد اليهودي) ، اما اهم الآثار القبطية بالاسكندرية فتشمل (الكنيسة المرقسية) التى اسسها القديس مرقص لتكون اول كنيسة في قارة افريقيا بالاسكندرية و(دير مار مينا) العجائبي و(دير الزجاج) ، أما الاثار الاسلامية فأهمها منطقة المساجد والتي تقع بحي الجمرك وتطل على الميناء الشرقي حيث يوجد (جامع العطارين) وهو من اقدم مساجد الاسكندرية ومسجد (ابو العباس المرسى) الذي يعتبر اجمل مساجد المدينة وهو يشرف بمآذنه السامقة على الميناء الشرقي بالانفوشي والذى يؤمه المصريين من مختلف ارجاء أرض الكنانة ويتباركون به بل ويحلفون بجلاله حيث يتخذ سيدى المرسى أبو العباس مكانة جليلة فى نفوسهم ، ومن اشهر المساجد ايضا مسجد (البوصيري) ومسجد (سيدي بشر).

كما تزخر الاسكندرية بعدد كبير من المتاحف التى تعبر عن الحقب المختلفة التى مرت عليها والدور البارز التى كانت تلعبه اهمها (متحف الاسكندرية) و(المتحف اليوناني) و(الروماني) و(المتحف البحري) و(متحف الفنون الجميلة) ومتحف الفنان الكبير(محمود سعيد) و(متحف التاريخ الطبيعي) و(متحف الاحياء المائية) و(متحف المجوهرات الملكية) التى تخص اسرة محمد على .

ومن اهم معالم الاسكندرية القديمة هى مكتبتها التى كانت زاخرة بالكتب القيمة والتى احرقت وتهدمت وأعيد بنائها من جديد بمعاونة مختلف دول العالم والتى ستكون صرحا ثقافيا كبيرا حيث تضم خدمات عديدة بل ومتاحف جميلة وسوف يتم افتتاحها خلال هذا العام .

وبالرغم مما تضمه المدينة من اثار الا ان الاثار التى لم تكتشف اكثر والتى غرقت اسفل مياة البحر المتوسط لذلك تقرر اقامة (فنار شمسي عائم) بالميناء الشرقي لمدينة الاسكندرية الساحلية لمشاهدة الاثار الغارقة في قاع البحر الابيض المتوسط التي تم اكتشافها خلال السنوات الماضية ، وسيتم انشاؤه على شكل نجمة خماسية تطفو فوق الماء يبلغ قطرها 80 مترا ومجهزة بموتور يمكنها من ان تدار بثبات على مدار اليوم مع الشمس والتنقل داخل خليج (ابو قير) لمشاهدة مناطق الجذب الاثري كما سيمكن الفنار العائم من مشاهدة بقايا اسطول القائد الفرنسي نابليون بونابرت في منطقة ابو قير وبعض اثار المدن القديمة مثل كانوب ونيونيس وهيداكليوم وغيرها .

كما تم فى الاونة الاخيرة اكتشاف جانب من مدينة غارقة على مساحة 350 الف متر تحتوي على اطلال من الاثار منها تماثيل لأبو الهول ورؤوس ملكية وتماثيل للملكة ايزيس والملك سيرابيس وكتل حجرية تحمل نقوشا هيروغليفية يرجع بعضها للاسرة 26 والبعض الاخر للاسرة 30 الفرعونية والعديد من العملات الذهبية من العصر البيزنطي ، كما تم انتشال 44 قطعة من قطع الفنار القديم وجميعها من رخام الجرانيت الاسواني.

وبالرغم من اهمية مدينة الاسكندرية الحضارية واحتوائها على العديد من الاثار الجميلة الا انها لا تقوم بجذب سياحى كبير بالمقارنة بالمدن الساحلية الاخرى فى البحر الاحمر الا انها بالنسبة للمصريين المدينة الاجمل ليس فقط بين المدن المصرية ولكن بين مدن العالم اجمعها بل انها تترك بصمتها فى قلوب كل المصريين العاشقين لها، وكما ان الاسكندرية مصيفا جميلا الا انها فى الشتاء ايضا مدينة لا تقاوم من شدة جمالها برغم النوات العديدة التى تتعرض لها حيث يعتبر كورنيش الاسكندرية واحدا من اهم الاشياء التى تميزها ويستمتع سكانها وزائروها بالجلسات الجميلة على شاطئ البحر مساءا ونسماتها الجميلة وجوها المنعش وبالاضافة الى ذلك توجد العديد من الاحياء الشعبية الجديرة بالزيارة واشهرها ( زنئة الستات ) وهو مكان ضيق يحتشد بالمحلات التى تبيع الحلى والملابس للسيدات وفيها تشم رائحة الاسكندرانية واولاد البلد الاصلاء أن كل ما فى الاسكندرية جميل يخلب العقول حتى شعبيتها لذا فأنا أجدد الدعوة لزيارة عروس البحر والاستمتاع بهبة الله فى أرضه .