نادوا فيهم ألا ضير من الاختلاط
زيفوا لهم الحقائق أن الأصل هو الاختلاط
أوهموهم أنه مادام الاحترام متبادل وأنه مادامت الحشمة ’’مظهرها’’ والوقار ’’سمته’’ والجدية هي اللغة بينهما فلا ضير ولا تضييق ..
صدّق ’’الأخ’’ تلك الادعاءات وانساقت ’’الأخت’’ خلف تلك الشعارات وتوجهوا للتجمعات المختلطة بدعوي ’’العمل التطوعي’’ ..
كان ’’الأخ’’ منضبط وغاض للبصر دوماً ، وكانت ’’الأخت’’ ملتزمة بالزي السابغ والكلام الوقور..
كثيراً ما كان ’’الأخ’’ خدوم ونشيط وسباق لكل خير مما أثار انتباه ’’الأخت’’ لتلك الشخصية ..
وكثيراً ما كانت ’’الأخت’’ تتناقش مع المجموعة في موضوعات ’’جادة’’ بلباقة شديدة تنم عن شخصية ذكية وعقلية متزنة مما لفت نظر ’’الأخ’’ لتلك الشخصية ..
ولكن تجنب كل منهما الاحتكاك المباشر مع الآخر .. لكن .. لم يصمدا طويلاً .. فأمام لباقة وجاذبية شخصية ’’الأخت’’وأمام نشاط وخفة روح ’’الأخ’’ كان لابد من الإعجاب ..
تبادل ’’الأخ’’ و’’الأخت’’ النظرات ثم الابتسامات وتحول الأمر مع مرور الوقت وتكرار اللقاءات المختلطة إلي سلامات وحكايات ..
وبعد فترة تجرأ ’’الأخ’’ وطلب رقم موبايل ’’الأخت’’ لأجل ’’فقط’’ التواصل فيما يخص مشروعاتهم التطوعية والاستفسار عن بعض الأمور وقت الضرورة .. ولم تجد ’’الأخت’’ أي مانع من ذلك فـ’’الأخ’’ نموذج للمسلم الراقي المحترم ولا قلق من تبادل الموبايلات ’’’’وكله في سبيل العمل التطوعي’’ ..
في البداية كانت الاتصالات بينهم فيما يخص أنشطتهم الخيرية .. ومع الوقت أصبح ’’الأخ’’ و’’الأخت’’ يتبادلان الرنات للإيقاظ لصلاة الفجر أو قيام الليل أو التنبيه لأحد البرامج الدينية علي الفضائيات ’’شوفوا الورع’’..
ثم تجرأ ’’الأخ’’ وطلب من ’’الأخت’’ مقابلة خارج نطاق التجمعات المختلطة ’’التطوعية’’..
انتفضت ’’الأخت’’ ورفضت واعتبرته أمر غير لائق ولا مقبول ..
لكن ’’الأخ’’ ظل يلح بحجة قوية لم تستطع لها رد وهي أنهما يتقابلان بالفعل ويتبادلان الأحاديث في ’’العمل التطوعي المختلط’’ وأنه لا يوجد فرق بين ذلك وبين أن يتقابلا في مكان عام وأمام الناس ويتبادلان الأحاديث المحترمة ..
وبالفعل اقتنعت ’’الأخت’’ أن لا فرق بين التجمعات المختلطة وبين اللقاءات الثنائية فكلاهما يتم في مكان عام ووسط الناس وبشكل محترم وراقي ..
وتكررت بينهما اللقاءات ’’الجادة’’ في أماكن محترمة .. وكان يتخللها ذهاب ’’الأخ’’ و’’الأخت’’ لأداء الصلاة في المسجد في وقتها ثم يعودان لجلساتهما .. وكم تبادلا في مرات عديدة كتب دينية وشرائط دعوية وتناقشا مرارا حول موضوعات الشرائط والكتب والأمور والقضايا العامة ’’يا سلام ع التقوي’’..
وفي أحد المرات شاهدا شاب وفتاة يتحدثان بصوت صاخب ويجلسان متقاربان بشكل غير لائق .. فما كان من ’’الأخ’’ و’’الأخت’’ إلا الحوقلة والتبرم والسخط علي الشباب الذي لا يعرف معني الالتزام والانضباط..
وعندما زاد المشهد عن حده .. قرر ’’الأخ’’ و’’الأخت’’ الذهاب لمناصحة الشابين ..
وما إن بدآ في النصيحة حتي نظر لهما الشاب وسألهما ’’وأنتوا بقي تقربوا لبعض إيه؟’’ ..
هنا تلعثم ’’الأخ’’ وارتبكت ’’الأخت’’ ولم يستطيعا الرد .. فانطلق الشاب والفتاة يضحكان بشكل هستيري ويرددان ’’متفرقوش كثير عننا لكن يمكن نكون احنا أفضل منكم شوية .. علي الأقل احنا عارفين ان اللي احنا بنعمله غلط وذنب .. لكن مصيبتكم إنكم فاكرين إنكم صح ومش بتعملوا غلط وإنكم علي حق .. روحوا انصحوا نفسكم الأول قبل ما تنصحوا غيركم" .. وتركاهما وانصرفا بعيدا ..
بقي ’’الأخ’’ و’’الأخت’’ في صمت ثم تساءلا ’’هل احنا بنعمل حاجة غلط؟ ..
لو كان اللي احنا بنعمله غلط يبقي المشكلة فينا واللا في اللي أباح لنا الاختلاط من البداية ؟’’
انصرف ’’الأخ’’ و’’الأخت’’ وافترقا بدون كلمة واحدة لكن لسان الحال كان يقول ’’أن الشيطان لن يطلب منا المعصية بشكل مباشر لكنه حتماً سيزينها لنا ويدعي بأن لها أصل في الشرع ..
فيأتي علي المشتبه من الأحكام فينفث فيه بخبثه ويلتقطها منه عملاؤه من بني آدم أصحاب الهوي الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا .. الذين لا يجرأون علي المجاهرة بالمعاصي لكنهم يحاولون تغليفها بلباس الشرع ليسهل إيقاع العامة فيها’’ ..
وكان الدرس المستفاد من تلك التجربة حقاً,,
أن من أغلق باب الفتنة فقد أراح واستراح .. ومن فتحه وهو يظن قدرته علي الثبات والصمود فهو حتماً واقع فيه’’
صدق الله العظيم القائل
{زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب}
صدق رسولنا الأمين القائل
(ما تركت بعدي فتنة أشد على الرجال من النساء)
والمحذر
(واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)
وكذب الغاوون القائلون
"ما الضير من اختلاط بلا ضرورة مادام أنه اختلاط محترم"
يستتبع هذا تساؤل آخر من عينة
’’ما الضير من صداقة محترمة بين الجنسين’’
فعندما يحذرونا نبينا الكريم ’’اتقوا النساء’’ ولم يقل ’’ابتعدوا’’ .. فالنبي الكريم الذي قال ’’اتقوا النار’’ قال ’’اتقوا النساء’’ ..
فما بال المدلسين يزينون الاختلاط بالنساء بل يحبذونه ويكادون يجعلونه ’’فعل مأثور عن السلف’’
وما بال المدلسين يستهزئون بمن يرفض الاختلاط ويدعون أن من يرفض الاختلاط هم من ذوي النوايا الخبيثة والأفكار المنحرفة .. أما هم فهم الملائكة الأبرار الأطهار الذين لا تشوب نفوسهم شائبة والذين يتعاملون مع كل النساء كـ’’أخواتهم’’ ..
ما بال المدلسين يخلطوا ويهذون بالأعاجيب فيدعون أن من يرفض الاختلاط إنما يريد حبس المرأة .. وكأن الخيار أصبح بين حبس المرأة وبين انطلاقها خارج البيت وكأن أمر ’’قرن في بيوتكن’’ هو أمر لكائنات أخري وليس لنساء المسلمين..
ما بال المدلسين يدعون أن من يرفض الاختلاط إنما يريد حرمان المرأة من الذهاب للمساجد أومن حقها في التعليم أوالعمل .. ونجد التساؤلات العجيبة ’’فماذا تعمل الأرملة وكيف تنفق علي أبناءها’’ و’’أين نجد الطبيبة أو المعلمة المسلمة’’؟ ..وهم بهذه التساؤلات يخلطون أو يعبثون ..
فالميتة مباحة والخمر مباح ’’إن أوجبت ذلك ضرورة .. فإذا كانت الضرورة تبيح المحرم .. فما بالنا بالمحظور الذي هو دون المحرم .. لكن من جانب آخر .. فالضرورة تُقَدَّر بقدرها .. لا أن تتحول ضرورة إمرأة تحتاج العمل لتجد المال الذي تنفق به علي أبناءها مثلاً لتتساوي مع أخري تحتاج العمل لمجرد الترويح عن النفس..
فمن يريد ’’تأصيل’’ ’’المحظور’’ ويتعمد تحويله من نطاق ’’الضرورة’’ لنطاق ’’الإباحة’’ إما أن يكون جاهل أو متآمر..
فاليوم ينادون ’’باختلاط شرعي’’ وغداً ’’صداقة شرعية’’ وبعد غد ’’عشق شرعي’’
تماماً كما أظهروا لنا ’’الأغاني الحلال’’ و’’التمثيل الحلال’’ و’’المايوه الشرعي’’ .. وكأنهم يتعمدون نقل خبث المجتمعات الفاسدة ليتم تحت غطاء ’’شرعي’’ في المجتمع الملتزم ..
فهؤلاء لا يريدون دين يحكم بل يريدون أن يحكموا هم الدين ..
لا يريدون أن ينضبطوا بحسب أحكام الدين بل يريدون أن يضبطوا أحكام الدين بحسب مصالحهم ..
فيا أخي .. يا أختي .. الحق أبلج .. والباطل لجلج ..
وعندما يخبرك ربك ونبيك عن فتنة النساء وعندما يأمرك نبيك ’’اتقوا النساء’’
ويأتي شخص ليقول لك ’’ لا تتقي بل اختلط مادام قلبك أبيض ونيتك سليمة’’..
فاختر ما شئت لكن اعلم أن عاقبة اختيارك ستواجه بها ربك وحدك ..
واحذر إن أنت اقتنعت بشبهة أن تحاول الترويج لها والدعوة إليها والادعاء أن لها أصل شرعي ..
بل اقصر الشبهة علي نفسك وبحسبك حساب ربك لك عن نفسك واحذر أن تحمل أثقال غيرك ..