الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ؛؛ وبعد:
فهذا حديث إلى فتاة الإسلام أقول لها :
لا تتسرَّعي .... قفي ... لا تُجيبي .
لأنك قد تقولين ...
اسمي ..................
وهويتي .................
وقبيلتي ..................
وقد تقولين أنا متزوجة أو .............
لا أخيتي ..
أنا لا أريد اسمك ، بل أريد نفسك .
أنا لا أريد هويتك ، بل أريد هدايتك .
أريدك خاطبة للحسنات مفارقة للسيئات .
أعتقد أنك الآن عرفتِ أن الإجابة على .... منْ أنتِ ؟
يجب أن تكون بتمعن فكر وخلجات قلب وآهات لسان وتقدم جوارح .
لمن شاءتْ منكنَّ أن تتقدم أو تتأخر .
أيتها الغالية ... أخيتي ..
إن أردنا أن نعرف الإجابة على : ( من أنت ؟ ) ، فثمة محطة يجب أن تقفي فيها وقفةً باختيارك وقناعتك .
لنجلس بها جلسة العمر – جلسة المصارحة – جلسة رفيقها معك عقلك ، وقلبك، ولسانك ، وجوارحك .
جلسة يسمع من حناياها آهات واستغفار ، ويُرى بها تلكما العينان وهما تقطران تلك القطرات المحبوبة ، عندها يمكن أن تضعي بطاقة الإجابة مباشرة على هذا السؤال .. من أنت ؟ .
نعم إن الطريق إلى معرفة ( من أنت ) هو كشف حساب تستلميه اليوم فتعدلي فيه المسار ، قبل أن يسلم لك في يوم لا تستطيعين التعديل فيه أبداً ، بل هو شهادة عبور إما إلى الجنة وإما إلى النار ، وكأني بك قد أخرجت كشف حسابك وجلست مع نفسك في غرفتك الخاصة بك .
ونظرة على ذلك الكشف بتأمل وحزن وفرح .. حزن بما صرف من أوقات في غير طاعات ، وفرح بما أودع من حسنات لتبقى هي الباقيات الصالحات ، وصدق الله إذا يقول : {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى}[ الليل:4] فكشف الحساب يختلف من بين كل فتاة وأخرى اختلافاً ، كما بين :
السماء والأرض ، الجنة والنار ، النور والظلام ، الهداية والغواية ، البر والعقوق .
وفي نظرة متأملة في كشوف حساب كثير من الفتيات نجد فتاتين :
إحداهما : قلبها يحب الله ، ولذلك أصبح مليئاً بالإخلاص لخالقها ومولاها ، تراقب الله في كل صغيرة وكبيرة لا يهمها إلا رضا الله ، ولا تنظر لمدح الناس وذمهم ، المهم الله لأنها علمت ( أنَّ الإخلاص هو أسرع طريق الجنان ) فجعلت حياتها ومماتها لله رب العالمين .
والأخرى : على العكس من ذلك لا إخلاص ولا خشية بل رياء وسمعة ، المهم أن يرضى الناس حتى لو سخط الله .
وغداً توفى النفوس وما كسبت ...
فمن أنت من هؤلاء
؟
وفي نظرة أخرى لكشوف الحساب نجد ......
فتاة ..... صلاتها قرَّة عينها وكنزها الوضاء وراحتها واطمئنانها وطبيبها من الهموم والأحزان .. تسرع إليها وهي فرحة مسرورة بها تقدم قبلها ركعات من السنن الرواتب وقراءة للقرآن ، وبعدها تدخل صلاتها بكل خشوع وتلذذ لأنها تعلم أنَّ الله ينظر إليها فوقفت ...
والكعبة أمامها ، والجنة عن يمينها ، والنار عن شمالها ، وملك الموت خلفها .
ما أجملها من صلاة ! وما أجمله من شعور يملأ قلب تلك الفتاة بالإيمان والخشية ! وصدق الله إذ يقول : { وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة:45] .
أما الأخرى : تكاسل وتفريط فلا سنن ولا قرآن ، وصلاة بلا راحة ولا اطمئنان ، وقد تقطع الصلة بينها وبين خالقها فحرمة الراحة والاطمئنان ..
وابتعدت عن الجنان ورضيت بسفر من الآن : {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ}[المدثر] .
وغداً توفى النفوس ما كسبت .
فمن أنت من هؤلاء ؟
وفي كشف الحساب تجد مسلمتين ...
إحداهما : إذا نزلت بها المصائب والأحزان علمت أنها من الله ، وتيقنت أن مقدرها هو الله ، وقالت بقلبها ( ما أصابنا لم يكن ليخطئنا ، وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا ) .
فتجدها عند كل همٍّ وحزن وسقم ومرض وفقد عزيز أو حبيب صابرةً محتسبة ، لسان حالها : الحمد لله ، وإنا لله وإنا إليه راجعون ، فكسبت حب الله وكسبت الإيمان واليقين {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [ البقرة:157] .
وأخرى : إذا نزلت بها المصائب والأحزان تسخطت وشكت ، وعلى ربها اعترضت ، ولم تعلم أنها مقدرة من رب العالمين لكي ترجع إلى صراط الله المستقيم .
وغداً توفى النفوس ما كسبت .
فمن أنتِ من هؤلاء ؟
[b][size=12]وعند التمعن في كشوف الحساب تجد بنتين ...
إحداهما : تسير في هذه الدنيا وشعارها : ( البر والإحسان ) وخاصة لوالديها !.
الراحة لا تكون بدونهما ، بذل وتفان في خدمتهما آناء الليل وأطراف النهار ، على الوجه الذي يرضي الرحمن دون كلل أو ملل .
لأنها علمت أن أوسط أبواب الجنَّة هو باب الوالد فلم تضيع طريقاً أبداً .
وأخرى : عقوق الوالدين ، ونكران ، وضياع للحق والعرفان ، غلظة وتأفُّف ، ورفع للصوت بأكثر من أُفٍّ ، وكأنها هي المنعمة ، والمتفضلة ، ونسيت أن العقوق أثره مفزع في الدنيا قبل الآخرة ، وأن أكثر ما يدخل النار العقوق ،
وغداً توفى النفوس ما كسبت ..
فمن أنت من هؤلاء ؟
<H3>[size=12]وفي كشف الحساب نجد مسلمتين ...
الأولى : تعيش في هذه الدنيا على مبدأ ( مخمومة القلب ) لا إثم ولا حسد ، تعيش بين الناس من أهل وصديقات ، وقلبها يتسع لحبهم جميعاً .
تفرح لفرحهم ، وتحزن لحزنهم ، ولا تنظر إلى ما في أيديهم ، ولا تحب أن تزول النعم عن الآخرين ، فكل خير من مال أو تقدم وصل إليهم فكأنما وصل إليها ، وكل شئ أصابهم فكأنه أصابها .
وفي كل لحظات حياتها لا يدخل في قلبها حقد ولا بغضاء .
صلح قلبها فصلحت جوارحها ، فلا تسمع غيبة ولا نميمة ، وكل ليلة تنام تلك الشامخة بالإيمان وليس في قلبها إلا الخير والصفاء لكل مسلمة ، ولكن ..
{وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)}[ فصلت] .
أما الثانية : تعيش في هذه الحياة على مبدأ ( يحسدون الناس على ما آتاهم من فضله ) .
إن فرح الناس حزنت ، وأن حزنوا فرحت .. انشغلت بما في أيدي الناس فتوقد قلبها غيظاً وحسداً ... وبفساد قلبها فسدت جوارحها .
غيبة ونميمة ، ولمز وغمز ، وصبح مساء ، لأنَّ الحسد قد غمر قلبها .
وغدا توفى النفوس ما كسبت .
فمن أنتِ من هؤلاء؟
[/size][/size]
وفي كشف الحساب نجد فتاتين :
أما الأولى : مؤمنة نقية صانت الحجاب ، وجعلت غرفتها المحراب ، وإن خرجت فجوهرة مكنونة ، عباءتها على رأسها أقصد تاجها ، لأنها علمت أنه لا يمكن لأيِّ تاج أن يوضع على الكتف .
أكسبها ذلك التاج جمالاً إلى جمالها ، وحسناً إلى حسنها ، وأنوثة على أنوثتها ، بل اكسبها الجمال كله ، وهو الحياء فعاشت والكل يحبها ، ويحترمها ، لقد عاشت في سعادة وهناء ، وهذا في الدنيا وعند الله جنان وقصور ، وما الدنيا إلا متاع الغرور .
أما الثانية : فيا حسرة المحرومين ....
قصرت في حجابها مع أن هذا الحجاب ليس عليها في كل وقت بل دقائق معدودة في وقت خروجها ، لقد استغنت عن تاجها ، ولم تجعل غرفتها محرابها ، فإذا خرجت فتمايل مصطنع لا تاج ولا جوهرة بل أصبحت سلعة ظاهرة ، فخسرت جمالها وحياءها وعاشت بين همز الناس وغمزهم .
إنها حياة شقاء ، وهم ، وقلق ، وغم ، هذا في الدنيا ، أما في الآخرة : {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ(10) }[البروج].
وغدً توفى النفوس ما كسبت ويحصد الزارعون ما زرعوا فمن أنتِ من هؤلاء؟
اوفي كشف الحساب تجد فتاتين...
الأولى: متذكرة دائماً أبواب الجنان وجنة الرحمن, ولذلك فهي ترتفع في الدنيا والآخرة, لأن كلام ربها أجمل كلام .فأناملها تمسك بالقرآن, وعيناها تمعنان النظر في آيات الرحمن, ولسانها وشفتاها رطبه بكلام الخالق المنان, فعاشت تلك الحسناء الشامخة والحسنات بينها ومن بين يديها ومن خلفه, وأصبح القرآن ربيع قلبها.
والربيع بهجة ونضارة وخضرة ,كل ذلك في قلبها, فلا تنتظر فصل الربيع لأن الربيع ساكن في قلبها, كيف لا وهي أترجة الدنيا.
فانعكس ذلك على قوة ذكائها وسعة أفقها ونضارة وجهها وجمال مطلعها وابتسامتها, فهي تردد وتذكر دائماً قول ربها: { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً} [ الاسراء:9] أي أفضل وأعلى, وفي الآخرة مع السفرة الكرام البررة.
أي: مع فاطمة, وعائشة, وخديجة, وآسيا, وغيرهن من الصالحات ويقال لها:(اقرئي ورتلي كما كنت ترتلين في الدنيا, فإن منزلتك عند آخر آية تقرئينها)
وأخرى: غير مرتفعة لا في الدنيا ولا في الآخرة, من غرفتها يخرج كلام الشيطان, لأنها هجرت كلام الرحمن .
غناء, وسخط, وتأثر, ووجد, وكأن المغنين والمغنيات صادقون في كلماتهم ومشاعرهم.
تلك الفتاة حرمت أناملها من مسك كتاب ربها وعينيها من التلذذ بآيات خالقها, فهي في آهات وحسرات لأنها ابتعدت عن الآيات.
وفي قلب فتاة لم يجتمع أبداً قرآن وغناء.
فأصبحت هذه الفتاة والآثام حولها من كل مكان فلا ربيع ولا بهجة بل قلق وضيق,
{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}[ طـه:124]
وغداً توفى النفوس ما كسبت *** ويحصد الزارعون ما زرعوا
فـإن أحسنوا فقد أحسنوا *** وإن أساءوا فبئس ما صنعوا
أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه, وفي الجنة نلتقي بإذن الله.
[/b]
</H3>