نحو مجتمع متكامل(2)
(علم وعمل)
سبق وتحدثنا عن أهم شىء لوجود ما يسمى بالمجتمع المتكامل,,وحددناه فى أن يكون للمجتمع وأفراده (هدف) مبنى على علم يسعون لتحقيقة فى (حركة) صحيحة ب(منهج) سليم..
وجاء الأن الدور لنتحدث على رؤية لأهم مقومات المجتمع المتكامل,,
وسنبدأ بالعلم,,
فلا شك أن العلم هو أساس الحضارات والتقدم وكلما أزداد علم الفرد وتمكن من ادراك كثيرا ممن يحيط به سهل عليه أعتقاد فكر سليم يؤدى به الى طريق الفلاح
فكل ما بنى على باطل فهو باطل ولن يستطيع الانسان تمييز الحق من الباطل الا بالعلم المبنى على يقين..
فالعلم هو (اكتساب حقيقة أو حكم او نسبة كانت مجهولة للفكر) أيا كان موضوعها
وللعلم اليقينى شروط وهى
(الجزم... الوقوع....الدليل)
بمعنى مثلا ,, ايمانى بقضية( أجزم) بها (واقعة) بالفعل حقيقية ومعى عليها (دليل)
هذه شروط العلم اليقينى الفعلى الحقيقى الغير مبنى على جهل او شك او ظن او وهم او تقليد
وهذا هو العلم الذى استحق ان اعيش من اجله واؤمن به وأناضل لايصاله وابنى عليه أهدافى وأسعى لتحقيقها
وكما قلنا سابقا أن اى نسبة علمية تحكم على الحقائق الموجودة فى الكون لا تخرج من (يقين- جهل-شك-ظن-وهم-تقليد
)
وبالرجوع لشروط العلم نجد أن الجزم لا يكفى وحده لان الجاهل قد يجزم بقضية جهلية ليست (واقعة,,
والجزم بقضية واقعة لا يكفى الا اذا كان عليها (دليل)
لانها ستكون انتقلت من مرحلة العلم الى مرحلة (التقليد)
مثال ذلك الولد الصغير يقول لك لا اله الا الله فاذا قلت له أأتى بدليل لن يعرف على الرغم من ان القضية صحيحة ومجزم بها طبعا ولكنه هنا ليس على (علم) بما يقوله,, هو هنا مقلد للأب مثلا هو من قال له ذلك ولكن عندما يكبر الولد ويستطيع أن يأتى بالدليل فهنا قد انتقل من مرحلة التقليد الى مرحلة العلم اليقينى...
ولاشك انه من اسباب انهيار كثيرا من الأمم والحضارات عيش أفرادها فى هذه المنطقة , منطقة التقليد,,
مسلم لأن ابواه ومجتمعه مسلم ولكنه لا يعلم شيئا عن دينه, ينتمى لجماعة معينة ويناضل من أجل أفكارها , منتمى لنادى يتعصب له,,, مقلدا
علاوة على التحيز للاراء والأشخاص والأفكار دون اى علم مبنى على يقين بما يقوله وأدلة جازمة على انحيازه وتعصبه,, هو مجرد مقلد عجبته الفكرة, فقلد غيره,, وينهار المجتمع وينقسم أفراده والنتيجة صفر...
فتبنى شعارات وحركات وأحزاب,,ولكن لا وجود لما يقتنعون هاو مقلدون لغيرهم دون دليل علمى يثبت اعتقادهم ويؤيده,,فتسمع مثلا من تقول لا يصلح لمجتمعنا الا الرأسمالية,,فاذا قلت لماذا لا يستطيع الرد,,هو سمعها من أحد الاشخاص فرددها,,وما كسبنا الا شخص جديد مختلف معنا...!!
وانتقالا لجزئية اخرى,, فاذا كانت النسبة مجزومة وأتى عليها بدليل ولكنها أصلا غير(واقعة) فذلك الجهل وهو المصيبة الكبرى
تبنى أفكارك ومعتقداتك وأهدافك على شىء باطل غير واقع ولا ينتمى لحقيقة بصلة!!
اولا لتكرار كلمة نسبة دعنا نوضحها,, النسبة هى الحكم على شىء بشىء او حقيقة بحقيقة لاخراج معلومة او حقيقة أخرى,, مثال اذا قلنا السماء (شىء) المطر (شىء) فكل واحدة من الكلمتين تدل على شىء موجود فعلا,,فاذا قلنا ان السماء ممطرة تكون لدينا معنى اخر وحقيقة فاعلة وهى ما تسمى نسبة وهى(الحكم على شىء بشى لاستخراج حقيقة واقعة)
اذن نعود سريعا لتعريف العلم ليتضح الامر عندما قلنا,,,ان العلم هو اكتساب الذهن (نسبة) كانت مجهولة للعقل او الفكر…
فبالمثال السابق اذا جئنا بأحد لم يرى مطر فى حياته وقلنا له ان هذه السماء تمطر وتنزل ماء,,ثم أريناه ذلك بعينه,,أصبح يعلم أن السماء ممطرة ومعه دليل على ذلك,,فاكتسب (نسبة علمية)جديدة..
ونعود للجهل,, فان الجهل هو الجزم بنسبة غير واقعة,
فالجهل ليس ألا تعلم,,,ألا تعلم هى (الأمية),
فالأمية أمرها سهل ولا قلق منها,,لانك تتعامل مع ذهن خالى فكل ما عليك أن تضع فيه ما تشاء وتبذل جهدك فى تعليمه فقط,,
أما الجهل أكثر فسادا لأن الذهن أصلا مشغول بقضية باطلة وهو يظنها حق,,
الجهل هو الجزم بالقضايا على انها حق وهى أصلا باطلة غير واقعة ولا وجود لها
مثال لنرى صعوبة الجهل وفساده,,
رجلان من روادى قبور الأولياء فالأول ظل عشر سنوات بلا أطفال فذهب الى قبر الولى وظل يدعى له ويقول (بقالى عشر سنين أدعى ربنا وأعمل خير وأصلى ومدانيش الولد ومبقاش فاضل أدامى غيرك ياسيدى فلان أدينى حتة عيل)
وبقدر الله ليبتليه يأتى الولد بأمر الله تعالى,فعندما يعرف الرجل الأخر ذلك فأصبح معه دليل,, وتراه أنت يدعى القبر وتنصحه فمن الممكن أن يقيم عليك الحد غير السباب واللعن فهو مقتنع اقتناع تام بقدرة القبر على النفع والضر ,,فهو مقتنع ويجزم بقضية (غير واقعة) باطلة ليست حقيقة ومعه عليها دليل,,كارثة وصعب جدا تغيير فكر الجاهل المقتنع بباطل يدلل عليه,,
وبمرور سريع على بقية مراتب العلم
فاذا كانت (النسبة) غير مجزوم بها وتساوى طرفان فذلك هو (الشك)
بمثال لو جئنا بفرد ملحد وعرضنا عليه الاسلام وعرض عليه اخر المسيحية,, فاذا تساوت عنده الأطراف ولم يستطيع التمييز أين
الحق,, وسألتك فى أى حالة هو سترد سريعا (الشك) ,,فنعم صحيح هو فى مرحلة الشك الان
اما اذا وصل لمرحلة ترجيح أحد الطرفين عن الأخر قبل أن يجزم فهو فى مرحلة (الظن
)
اذن مراجعة سريعة ونقول مراتب العلم هى( اليقين- الجهل- الشك –الظن-التقليد-الوهم)
أصبحت الان الامور واضحة بفضل الله,, ونقول انه يجب ان نبنى (أهدافنا) الفردية والمجتمعية ووضع خططنا و(حركتنا) للحصول عليها على (منهج) علمى يقينى,,حتى يحدث لنا الاستقرار والنجاح والخير فى الدنيا والاخرة..
***راجع المقال الاول (هدف وحركة)***
وكى نصل الى مبتغانا ونحقق الرخاء فى مجتمعنا لا بد كما قلنا من توازى خطى العلم والعمل,, فان كنت مؤمن بقضية فاعمل من اجلها,,وان كنت تريد الرخاء لنفسك وللمجتمع فلا بد أن يطابق عملنا علمنا,,
فالتطور والتقدم والرخاء والتنمية ليست مجرد نظريات علمية واقتصادية,, او كتب تقرأ ورسالات تدرس فقط,,
ولكن يلزمها تطبيق عملى وانجاز لما تعلمناه,, حتى لا نقع فى مطب التناقض الذى يسبب الانهيار الفكرى وتحجيم ظهور العلماء,,
فالانجاز يلزمه عقول وسواعد,,عقول تفكروسواعد تبنى والاثنان بمنهج سليم,,
وسنضرب مثال مشهود على التناقض بين العلم والعمل,,فتجد المسلمين يسيرون فى خطين متناقضين تماما بشكل غريب جدا,,
الخطين هما
خط المنهج كحاكم فى الحياة-.
خط النص القرانى كتوثيق-.
ففى القران بفضل الله تجد المسلمين سائرين بخط قوى جدا وكل يوم يتم التوثيق اكثر من الاول ويتضاعف عدد الحفاظ ماشاء الله,,ولا يكاد بيت مصرى يخلو من محاولة لحفظ القران الكريم,,
فالعناية بالقران فعلا أمرا مدهش, فترى الشاب مثلا لا يصلى ولكن لا تخلو شنطته من المصحف!!ايمانا بدور النص فى حياته,,
ولكن فى المقابل تجد كما ان العناية بالنص فائقة تجد اهمال دوره كمنهج حاكم فى الحياة شديد جدا
بل انك تجد كثيرا ممن يحفظ القران جيدا ولكنه ينسى ان المطلوب ليس الحفظ فقط ولكن العمل بما فيه ايضا,,فالعبرة ليست بمجرد النص,,فقد كان الصحابة لا يحفظون جديد قبل أن يعملوا بما حفظوا,,
وهذه طبعا ليست دعوة جاهلة لوقف الحفظ بقدر ما هى دعوة الى تطبيق ما نحفظ والأخذ بمنهج الله وشرعه كحاكم لأمور حياتنا حتى نكون طبقنا أهم مبدأ اتفقنا عليه فى اول مقال(الهدف والحركة بمنهج سليم)..(الهدف عبادة الله وحركتنا أعمار الأرض ومنهجنا شرع الله)
وتتعجب من أمر الله لأنه لو كانت مسألة توثيق النص وحفظه بأيدينا وتبعا لهوانا لضاعت مثلما ضيعنا المنهج والتطبيق ,,ولكن عملية التطبيق قهرية صادرة من الله تعالى ونحن مسخرون
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9
سبحان الله!!!
أما التطبيق أو المنهج كحاكم فهو لهوانا,,وهو اختبار عبوديتنا وطاعتنا لأمر الله..
قال صلى الله عليه وسلم:
((لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، فأولهن نقضاً الحكم، وآخرهن الصلاة))
صدقت يارسول الله,,
وأخيرا فلنجعل أهدافنا مبنية على علم ويقين وحركتنا للحصول عليها صحيحة وبمنهج سليم,, حتى نستطيع بناء مجتمع متكامل بين وحداته,,سليم فى بنيانه,,يعيش به أفراد أسوياء,, يتسم بالأمن والاستقرار والانضباط الحياتى,,
الان أنتهينا من أول مقوم لمجتمع متكامل بفضل الله,,
نلقتى فى مقال اخر,,مع مقوم جديدباذن الله
دمتم فى طاعة....
*****(((تنويه))
..سلسلة المقالات هذه هى عبارة عن دراستى البحثية الجديدة ونزلت بفضل الله كمقالات علمية فأعدت صياغة بعض أجزائها وأختصرتها لأضعها بين يديكم,,فنعتذر اذا كانت اللغة صعبة على البعض *****