مراحل المراهقة للدكتور ياسر نصر

مراحل المراهقة للدكتور ياسر نصر
**********************

يحدث في مرحلة المراهقة نوع من أنواع النقص في نسبة التركيز المختلفة، إلا أن هناك نقاطًا تحفز ابنك على التركيز، وهي:

أولاً: يجب أن تجعل ابنك يمارس رياضة ما، فبدون الرياضة البدنية المنتظمة لن يستطيع ابنك أن يحقق قدرًا عاليًا من التركيز، ومن هذه الرياضة مثلاً التمرينات الرياضية مثل السويدي وغيرها من التمرينات المتبعة، وستجد أنه مع مرور الوقت سيصبح لدى ابنك قدرة على التركيز.

ثانيًا: يجب أن تزرع في ابنك ثقته بنفسه.

ثالثًا: يجب أن تشجع ابنك على تحمل بعض المسئوليات داخل البيت لأنه لو تحمل مسئوليات داخل البيت وأثناء الدراسة فسيدرك مسئوليته، وأنه يتولى مسئولية المذاكرة نفسها ويصبح لديه تنظيم في الوقت.

رابعًا:لابد أن تتعلم كيف تربي حتى يكون لديك التوجيه الذي يتطلبه الموقف، مثلاً الابن الذي لا يذاكر كيف يُوجه؟ والابن الذي يحصل على نتائج ضعيفة كيف يُوجه؟ لذا يجب أن تتعلم كيف تبني هذه السياسة العامة في عملية التربية.

خامسًا: يجب أن تبتعد عن الجدال مع الولد، فلا تدخل في مناقشات سفسطائية أو جدل عقيم لأنه يشغل تفكير ابنك أثناء فترة دراسته.

سادسًا: يجب أن تتعلم كيف تستمع لابنك وتتعرف على مشاكله.

إذن لابد من معرفة قواعد التربية مسبقًا قبل حدوث المشكلة حتى تتمكن من حل مشكلات ابنك في مراحل عمره المختلفة.

قصة قصيرة

هذه القصة قصتي أنا، أذكرها وأنا أرجع الفضل لله تبارك وتعالى ثم لأستاذ من أساتذتي لعلي أرد إليه بعض الفضل بعد الله تبارك وتعالى، وهذا الأستاذ اسمه الدكتور محمد نصار أستاذ اللغة العربية في مدرسة الأورمان النموذجية.. كنت في الصف الأول الثانوي، والقريبون مني يعلمون أنني كنت شخصية خجولة، لا أستطيع أن أواجه الآخرين لدرجة أن والدتي كانت تعد لي 1-2-3 وأنا داخل بالشاي على الضيوف حتى يمل والدي فيُدخل هو الشاي للضيوف.

وفي رمضان ذهبت مع الوالد لصلاة التراويح، وسمعت الشيخ يقول لا بد أن نفعل شيئًا للإسلام، ويجب على كل من سمع ما قيل أن يبلغه لغيره من الناس، فكبر في ذهني أن أقول كلمة لزملائي في المدرسة، فذهبت للدكتور محمد وقلت له: بعد إذنك أريد أن أقول كلمة بعد صلاة الظهر لزملائي لأنني سمعت الشيخ أمس يقول كذا وكذا.. قال لي موافق يا ياسر، جهز ما تقول وتعال لتقول لي الكلمة، ثم بعد ذلك تقولها لزملائك في مسجد المدرسة بعد الصلاة، فذهبت لوالدي وأخبرته أنني سأقول كلمة غدًا في المدرسة، وهذه كانت أول مرة أتكلم فيها أمام أحد، فلا بد أن يكون كلامي مضبوطًا فجهز لي عشر جمل لأحفظها وجلست الوالدة وأخواتي أمامي طوال الليل وأنا لا أبالغ لقد جلست طوال الليل أسمّع، وعلى مشارف المدرسة ودعني والدي وقال لي: ربنا معك، ودخلت على الدكتور محمد وأعطيته الجمل فقال: ممتاز، عليك أن تقولها بثبات، قلت له: لا تخف سأطيل رقبتك اليوم، ولقد دفعتني ثقته فيّ لإلقاء تلك الكلمة، وكل الحصص التي سبقت الفسحة كنت جالسًا أسمّع الكلام الذي سأقوله حتى أكون على مستوى ثقة أستاذي ووالدي ووالدتي والناس كلها.

وبعد الصلاة قال الدكتور محمد: زميلكم ياسر سيقول لكم كلمة بمناسبة رمضان، هيا يا ياسر قل، فشعرت أن رأسي خفت وأن ما كان في رأسي مُسح تمامًا فجلست أجمّع شتات نفسي وأحاول أن أتذكر ما أردت أن أقوله وأحاول أن أسترجع العشر جمل، أين هي؟! أين ذهبت؟! حتى جملة واحدة، لم أجد.. فقلت في نفسي: ربنا يستر، إن شاء الله سيكرمني الله، وقلت إن الله لن يظلمني، وفي النهاية لم أجد في ذهني أي شيء لأقوله، كل شيء مُسح من ذاكرتي بممحاة مسحت كل الكلام، قلت لنفسي: لقد وقعت في شر أعمالك، مؤكد هذا ذنب فعلته وبسرعة قلت أقرب شيء أن أقرأ لهم الفاتحة وربما بعد ذلك سأتذكر الكلام فقلت "بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين.. الرحمن الرحيم..." ولم أستطع أن أكمل، حتى الفاتحة لم أستطع أن أقولها، فقلت: أنتم تعرفون الفاتحة، أنا كنت أقرأ لكم فكملوها أنتم ثم صمت.. والدكتور يقول لي تكلم يا ياسر، لكنني صمتُّ صمتَ القبور بلا حركة كالجبل الراسخ، وكنت في الصف الأول الثانوي وطبعًا شباب ثانوي وجدوها فرصة ليسلوا صيامهم في رمضان عليّ، وظلوا يضحكون علي وأسمع كلمة تقال من هنا وكلمة تقال من هناك كل الدنيا تضحك علي وفي ذهني لماذا فعلت ذلك في نفسي؟ لماذا لم أكن مع الجالسين الذين يضحكون أفضل من أن يُضحك علي؟ لماذا ذهبت للدكتور محمد وقلت له أنا محل ثقتك؟ ولماذا أتعبت والدي وأمي؟

[size=24]
[b]هذا الحديث كله دار في نفسي حقيقة.. حديث يدور في ذهن مراهق في الصف الأول الثانوي في موقف اهتزت فيه ثقته في نفسه تمامًا، وهو من الأساس غير واثق في ذاته، واستطاع الدكتور محمد السيطرة على الموقف بقوله: هيا، كل على فصله وجلست في المسجد لا أتحرك، أنتظر الجميع أن يغادروا وتظاهرت بأنني أصلي ركعتين، والحق يقال أنا لا أعلم كيف ركعت وكيف سجدت، فلم أكن أريد الصلاة وإنما كنت أحاول الهروب، ومر الناظر فوجدني في المسجد فقال لي: لماذا أنت هنا، اذهب لفصلك فذهبت مسرعًا للفصل وكان الفصل ممتلئًا بالطلاب، قلت: كيف سأدخل وأريهم وجهي وكان من حظي أن الحصة التالية كانت حصة الدكتور محمد، ماذا أفعل والناظر خلفي يقول لي ادخل فصلك فقلت سأدخل وأمري لله وبمجرد دخولي سمعت طبعًا سيلاً من الضحك الشديد وكنت أشعر أنني أصغر كائن موجود في الكون، تمنيت لو أن الأرض تنشق وتبتلعني، لو استطعت الهرب اليوم من المدرسة لفعلت، هذه هي الأحاسيس بالضبط التي كانت بداخلي.

ودخلت وأن أحاول أن أخبئ وجهي من الدكتور محمد، طبعًا منظري كان سيئًا جدًا، وكان الدكتور محمد يمسك بعصا كانت معه دائمًا لم يكن يضرب بها أحدًا لكن كانت في يده دائمًا، ثم أتى إليّ ودق بالعصا على المنضدة التي أمامي وقال: أنت، قلت: أنا! قال: نعم أنت قم، قلت: يا دكتور لو تريد فعل شيء لا تفعله أمام أصحابي افعله بعد الحصة، قال: هيا قم تحرك أمامي، فمشيت أمامه كالأسير لا حول لي ولا قوة ونظرت في الحائط فقال لي: انظر لزملائك، قلت له: يا دكتور محمد بعد إذنك أنا من المتفوقين، أنا مخطئ أنا.. قال لي: ارفع يدك، ارفع يدك اليمنى، والله الذي لا إله إلا هو مازلت أحس بأنامل يديه على أصابعي في يدي اليمنى ورفع يده وأمسك بيدي اليمنى، وقال الآتي: زميلكم ياسر الوحيد الذي حاول أن يتكلم.

وعندما قال هذه الجملة قلت فعلاً صحيح أنا الوحيد الذي حاولت، فبالتالي أنا أفضل منهم جميعًا، ثم قال: وغدًا سيتكلم زميلكم ياسر، لا تتصور كم الثقة التي أعطيت شابا في مقتبل العمر في سن المراهقة، لقد جعلني أفكر في الجانب الإيجابي لهذا الموقف، فعدت إلى والدي أقول له ولوالدتي أنا الوحيد الذي حاول أن يتكلم، فيسألني والدي هل تكلمت بصورة جيدة؟ فأقول له: يا بابا أنا الوحيد الذي حاول.. يا بابا أنا أفضل من غيري.. وسأتكلم غدًا.
</STRONG>

إن التربية مراحل وخطوات ونقلات ومواقف، والأب الذكي والأم الذكية والمربي الفاضل هو من يستطيع أن يستغل بعض اللحظات التي ربما تُحدث في الشخص نقلة أو تفجر فيه المهارات التي لم تكن بأي حال من الأحوال ستنفجر إلا في هذا الموقف، ونفس الموقف مع مربٍ غير واعٍ بأصول التربية ربما يقتل روح التنافس والثقة بالذات.

ربما يأتي لك ابنك وهو فاشل ومخطئ رغم أنه بذل جهدًا لكنه لم يصل إلى ما أراده، وهنا يحتاج هذا الابن منك أن تمد له يدًا عطوفة ورئيفة وقلبًا مفعمًا وعقلاً ذكيًا حتى تخرجه من هذا الموقف بثقة في نفسه وقدراته، وشعوره بقدر من الثبات، لهذا يقول الله تعالى: "وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا".

وأنا أناشد كل أب وكل أم ألا يسلخوا أولادهم بقولهم لهم: نحن أنفقنا عليكم الكثير، وتعبنا معكم ويا ليته نفع.. هذا خطأ كبير يقع فيه الكثيرون.

والآن أود أن أسأل كل أب وكل أم: هل يمكن أن تعتذر لابنك عندما تخطئ؟ هل مقبول في عاداتنا وتقاليدنا أن يتنازل الأب ويعتذر عندما يخطئ في سلوك مع ابنه أو في تصرف أو في توجيه كان قد قام به واكتشف أنه مخطئ؟ وهل هذا الاعتذار يصح تربويا؟

ولكي أجيب على هذه التساؤلات أحب أن أذكر موقفا حدث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى الغزوات، والرسول صلى الله عليه وسلم كان في موضع الأب بالنسبة لكل المسلمين، ناهيك عن أن النبي هو المشرع، ناهيك عن أنه يوحى إليه، لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يساوي بين الصفوف في غزوة أحد فوجد صحابيا يقف خارج الصف، فخبط الرسول صلى الله عليه وسلم على بطنه وقال: استو فقال الصحابي: قد أوجعتني يا رسول الله، دعني أقتص منك يا رسول الله، فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه كي يضربه الصحابي كما ضربه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن الصحابي انكب على بطن رسول الله صلى الله عليه يقبلها.. فالرسول يسأله: أولا قلت أوجعتني، ثم قلت: أقتص يا رسول الله، ثم أعطيتك العصا وكشفت عن بطني فجئت تقبلها، فقال الصحابي: أردت أن يكون آخر عهدي في بالدنيا أن يمس جلدي جلدك يا رسول الله، واستشهد هذا الصحابي في هذه الغزوة.

إننا نريد أن نعلّم أبناءنا الاعتذار عند الخطأ، ونريد أن نعلمهم ألا تأخذهم العزة بالإثم، فليس عيبا أن أعتذر عن سلوك خاطئ صدر مني لابني، وإنما هو أمر يضعني في مصاف المرونة والقدرة على اختيار الصواب والخطأ ويجعل العلاقة بيني وبين ابني علاقة طبيعية وطيبة.

إلى اللقاء..

جزاكى الله خييرا موضوع جمييل وواضح مجهودك فيه

عندى تعليق بسيط بس يعنى الناس لو تبطل تقول على اللى من 12 سنه لحد 18 انتوا مراهقين مشاكل كتيير هتتحل لان كلمه مراهقه دى بتحسس الواحد انه مش عليه حرج وانه مدام مراهق يعمل اللى هو عايزه مع انه مفهووم خاطئ اوووى

وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته

موضع رائع ياايمان
حقيقى بستفاد كتير وبتعلم من مواضيعك
ربنا يكرمك ويحفظك يارب

مراحل المراهقة للدكتور ياسر نصر Alfaris_net_1253654402

نادية كتب:: جزاكى الله خييرا موضوع جمييل وواضح مجهودك فيه

عندى تعليق بسيط بس يعنى الناس لو تبطل تقول على اللى من 12 سنه لحد 18 انتوا مراهقين مشاكل كتيير هتتحل لان كلمه مراهقه دى بتحسس الواحد انه مش عليه حرج وانه مدام مراهق يعمل اللى هو عايزه مع انه مفهووم خاطئ اوووى

جزاكي الله خيرا مثله حبيبتي بارك الله فيكي واشكرك للاضافة

shahy zohair كتب:: وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته

موضع رائع ياايمان
حقيقى بستفاد كتير وبتعلم من مواضيعك
ربنا يكرمك ويحفظك يارب

انتي اللي رائعة حبيبتي جزاكي الله خيرا علي مرورك وتعليقك الجميل

» ما تعلمته من الدكتور ياسر نصر
» الاساليب التربوية الخاطئة ... للدكتور ياسر نصر
» ما تعلمته من الدكتور ياسر نصر 3
» ما تعلمته من الدكتور ياسر نصر 5
» مراحل تدوين الحديث النبوى